يقع شارع المزن في منطقة البطين في أبوظبي، وهو يمتد بين شارع الفنطاس وشارع الياه.
تسمية شارع المزن
يقِصُ اسم الشارع حكاية حياة وحضارة، بدأت مما يزيد عن مئة عام وتجسدت بخطوات متواضعة كانت تحدياً للصعوبات المفروضة حينها. فرحلة البحث عن الماء في الإمارات لم تكن سهلة نظراً لندرة الأمطار، وقلة مصادر المياه العذبة. لكن هذه الرحلة خطّت تاريخياً من الإنجازات التي تفخر بها البلاد ، وهو ما يجسده قول الشيخ زايد:
“الأفلاج من أثمن تراثنا ولابد أن تفخر البلاد باستخدامها مثل ذلك النظام المتقدم في الأزمنة الغابرة“.
قديماً لم تتواجد شبكات لتوزيع المياه، وقسمت مصادر المياه في المنطقة إلى مصدرين: الأول هو الأفلاج -وهي عبارة عن شبكة من المجاري المائية الجوفية كانت تستخدم في الري في العين ليصل عبرها الماء لمناطق بعيدة – أما الثاني فهو الآبار. وكان سكان أبوظبي يضربون أسقاع الأرض بحثاً عن بئر ماء لتلبية احتياجاتهم، وكثير من الأحيان كانت تفصل مسافات طويلة بين البئر ومكان تجمعهم، فتجبر النساء على قطع هذه المسافات لنقل المياه، وكان لابد أن يتم ذلك سريعاً قبل أن ترتفع نسبة الملوحة في الماء. علاوة على ذلك لم يتوفر حينها أسمنت لتبطن به جدران الآبار ليمنع تسرب الملوحة إلى مياهها، فكان لابد من استخراج المياه سريعاً والبحث عن مصدر جديد للمياه.
وأخذت التطورات تحدث تدريجياً مع تولي الشيخ زايد منصب ممثل حاكم العين، حيث عمل على ترميم وإصلاح نظام الأفلاج، وأعلن الماء سلعة مجانية للجميع بعد أن كانت في أواخر الخمسينات وبداية الستينات من السلع الغالية، كما أطلق برنامجاً لترميم مصادر المياه، استغرق تنفيذه 18 يوماً حقق عقبها نهضة زراعية.
استمرت المحاولات لتوفير المياه العذبة، فالأفلاج وحدها لم تكن كافية، والآبار لم تشكل حلاً جذرياً لشح المياه ، فسرعان ماكانت تتحول مياهها إلى مياه مالحة، وتجلى الحل بعد ذلك بتحلية المياه، فكان أول مشروع لمحطة تحلية في أبوظبي عام 1961 عندما تعاقدت الحكومة مع إحدى الشركات البريطانية لتشييد محطة وتم الانتهاء منها في ديسمبر (كانون الأول) عام 1961، ثم أقيمت محطة ثانية بطاقة إنتاجية قدرها 50 ألف جالون، وكان لها دور أيضاً بتوليد الطاقة الكهربائية. كما تم إعادة حقن الآبار الجوفية بجزء من إنتاج المياه المحلاة كمخزون طبيعي استراتيجي للسنوات القادمة.واتبعت لاحقاً العديد من الوسائل الأخرى كالاستمطار عبر زيادة نسبة الأملاح بالغيوم لزيادة قطرات الماء، وتالياً كمية الأمطار وإطالة فترة عمر السحابة، وللقيام بذلك تم الاستعانة بعلماء من مختلف الدول، من بينهم و”كالة ناسا الفضائية” وجامعات أمريكية وجنوب أفريقية، فضلاً عن متخصصين بدراسات الغلاف الجوي لإجراء أبحاث امتدت بين عامي 2000 و2004.
الجهود التي بذلت على تحلية المياه جعل من الإمارات تحتل المرتبة الثانية عالمياً في هذا المجال إذ تنتج 14% من كمية المياه المحلاة في العالم، كما يعتبر اليوم معدل استهلاك الفرد من المياه في الإمارات الأعلى عالمياً، إذ يزيد عن 500 لتر يومياً، وهو ما يعد تحقيقاً لرؤية إمارة أبوظبي في مجال التنمية المستدامة.