يقع شارع سهيل في منطقة البطين في أبوظبي، وهو الطريق الممتد بين شارعي محن والدانة.
تسمية شارع سهيل
إذا ارفقنا اسم سهيل مع اسم أي دولة من دول الخليج على محرك البحث تظهر النتائج لعشرات الأخبار التي تعلن “طلوع نجم الخير” كما يسمونه، ويستطيع القارئ أن يلتمس التفاؤل في عناوين هذه الأخبار التي تبشر بحلول موسمِ جديد، إلا أن هذه الأخبار تكاد تكون أبعد من مجرد أخبار يومية عابرة مرتبطة بالفلك فهي تروي بين سطورها حكاية سكان الخليج مع نجم سهيل والتي تعود إلى مئات السنين، فمن أين بدأت الحكاية؟
كوكب فرح يستبشر بقدومه
اعتمد العرب قديماً على النجوم لتحديد فصول السنة ومواعيد الأمطار وأوقات البرد والحر، وواحد من هذه النجوم بالذات كانت تترقبه عيون أهل الخليج لمزاولة مهنهم، وهو “نجم سهيل” أو نجم الخير أو النجم المبشر كما لقبوه، والذي يعتبر في الموروث الثقافي العربي “كوكب فرح يستبشر بقدومه”، فطلوعه يعلن عودة الحياة لنشاطها وانقضاء الأيام الصعبة، يعلن البدء بالتقويم الخاص بأهل الخليج والمعروف بـ”الدرور” وهذا التقويم يقسم السنة إلى أربعة أقسام كل قسم 100 يوم ، “مئة الصفري ” أو الخريف، و”مئة الشتاء”، و”مئة الصيف” أو الربيع، وثم “القيض” وهو وقت شدة الحر لها 65 يوما تكتمل فيها السنة، وكل عشرة أيام منها تسمى “در”.
تباشير نجم سهيل
استمد نجم سهيل أهميته كونه يبشر بانخفاض درجات الحرارة وجلاء القيظ وشدة الحر وإقبال الربيع والأمطار، إذ قيل عنه “الصيف أوله طلوع الثريا وآخره طلوع سهيل”. فمع ظهوره كانت المهن والحرف تعود لنشاطها، فتنطلق رحلات البحث عن اللؤلؤ وتجهز أدوات الصيد، والزراعة، إذ يمكننا القول أنه كان بمثابة رسول ينبئ المزارعين بمواعيد حرث الأرض والبذر استعداداً لموسم الأمطار، وينبئ أهل البر بمواعيد الترحال مواسم الرعي، فبظهوره أيضاً تتحدد لأهل البحر مواعيد الصيد، ويكون بوصلتهم أثناء الإبحار إذ يحدد من خلاله اتجاه الجنوب ويجدر القول هنا أن الصينيون أيضاً استعانوا به في وجهتهم إلى بحار الجنوب.
نجم الأمثال العربية والشعر العربي
ولِما كان لهذا النجم من أهمية فإنا نراه حاضراً في الأمثال العربية كالقول : “أسعد من سهيل في طلعته” كناية عن الطلعة البهية، و”إذا طلع سهيل لا تأمن السيل” كناية على وفرة الأمطار، و”طلع سهيل تلمس التمر بالليل” كنابة على تحول الرطب إلى تمر، و”سهيل طلع في الما” أي انعكاس أثر نجم سهيل سيظهر في الماء، وغيرها الكثير من الأمثال، كذلك تغنى به الشعراء العرب إذ قال الشاعر مالك بن ريب وهو يطلب من أقرانه رفعه إلى مكان مرتفع ليتمكن من رؤية نجم سهيل، كونه كان مقمياً في خرسان ولا يمكنه مشاهدته هناك:
أول لأصحابي : ارفعوني فأنه يقر بعيني أن سهيل بدا ليا.
أما الشاعر عمر بن أبي ربيعة المخزومي قال :
أيها المنكح الثريا سهيلاً عمرك الله كيف يلتقيان هي شامية إذ ما استقلت وسهيل إذ استقل يمان.
كما تغنى به أبا العلاء المعري فقال:
وسهيل كوجنة الحب في اللون وقلب المحب في الخفقان
مستبدا وكأنه الفارس المعلم يبدو معارض الفرسان
يسرع اللمح في احمرار كما تسرع في اللمح مقلة الغضبان
ويعد نجم سهيل من النجوم القديمة إذ يقدر علماء الفلك عمر إلى 27 مليون عاماً، فقد ورد في أقاصيص الإغريق وحظي بمكانة مرموقة عندهم، حيث أطلقوا عليه اسم “كانوبوس” وهو بطل إغريقي وقائد أسطول بحري.