في منطقة الزاهية في أبوظبي، يقع شارع العيّالة، الذي يحمل اسم الرقصة الوطنية الأولى في الإمارات، والتي نراها حاضرة في الاحتفالات الوطنية والأعراس والمهرجانات، فمن أين تستمد العيالة أهميتها؟ ومن أين نشأت؟
تمارس العيالة في الاحتفالات كوسيلة للترفيه من جهة، وطريقة لإحياء التراث وتعريف الأجيال الجديدة والسياح على الإرث الإماراتي من جهة أخرى. إذ تعكس “العيالة” قيم المجتمع الإماراتي المتمثلة في وحدة الصف والتلاحم والانسجام، وترتبط بثقافة وشهامة أهل الصحراء، وتعزز قيم الكرامة والشهامة، كل هذه الأسباب اجتمعت لتجعل من هذا الفن رمزاً وطنياً، وليتم إدراجها عام 2014 ضمن “قائمة اليونيسكو التمثيلية للتراث الثقافي وغير المادي للبشرية”.
تجسيد معاني القوة والفروسية:
اشتهرت قبائل البادية في أبوظبي والعين بتأدية العيالة، ومن الحكايا التي تروى عن نشأتها إنها كانت تؤدى عقب الانتصار بالمعارك من قبل القبيلة المنتصرة، تجسيداً لمعاني القوة والفروسية التي خوّلت القبيلة للانتصار.
أما عن رمزية الرقصة فهي تحاكي المعارك القديمة، إذ يقف صفين من الرجال الذين يرتدون اللباس الإماراتي التقليدي بشكل متقابل، ويضم كل صف 20 رجلاً أو أكثر، ويضع كل منهم يده اليسرى خلف ظهر الآخر ويحيط يده اليمنى بخصره بمشهد يدل على التماسك والتعاون القبلي، ويحملون عصياً رفيعة من الخيزران ترمز إلى السيوف والسهام، ويتبادلون حركاتٍ منتظمة، محركين رؤوسهم وعصيهم على إيقاع الطبول، وهم ينشدون شعراً حماسياً. ويتخلل هذين الصفين “أهل الزانة” و”الجويلة” أو “اليويلة” باللهجة الإماراتية الذين يتحركون بدوائر واسعة على إيقاع الطبول، ويمثلون بالعصي حركات السيوف والبنادق، ويلقونها في الهواء ويلتقطونها من جديد، ويقود العرض “الأبو” الذي يعمل بدوره على تحديد الإيقاع والمحافظة على نظمه. وغالباً مايكون عرض “العيالة” مصحوباً ” برقصة “النعاشات”.
عيالة أهل البحر وعيالة أهل البر:
من الجدير ذكره أن للعيالة أنواع عدة تبعاً للبيئة التي تقام بها ففي الواحات الصحراوية ومجتمع البادية، تسمى “عيالة أهل البر” وبها اشتهرت قبائل أبوظبي والعين، ولها طقوسها الخاصة، حيث لا يرافق هذا النوع أي لحن موسيقي، فهو زريف أي يزرفه المؤدون وتقترب لغة الزريف من الشعر الفصيح، أما النوع الثاني فهو “عيالة أهل البحر” المشهور لدى الحضر من مدينة أبوظبي إلى الفجيرة وتكون مصحوبة بألحان ثلاثية الإيقاع ولها آلات إيقاعية مرافقة، كالطبل وهو كبير ذو صوت مرتفع، والدفوف وهي طبلة يدق عليها يدوياً، والكاسر وهي طبلة أسطوانية ذات وجهين تعطي الطابع الحماسي للرقصة.