شارع بدع أم الغاف

يقع شارع بدع أم الغاف في منطقة المشرف في أبوظبي، وهو يمتد بين شارع النًّدًاوي وشارع النشرة.

تسمية شارع بدع أم الغاف

بدع أم الغاف هو اسم لموقع جغرافي في “منطقة رملة شرق” الواقعة في الظفرة، وكان لوجود أشجار الغاف في المنطقة دورٌ في اشتقاق التسمية كغيرها من الأماكن المُشتقة تسميتها من شجرة الغاف مثل “منطقة أم غافة” شرق مدينة العين و”الغافات” وغيرها، إما لقربها أو لتواجد أشجار الغاف فيها، تلك الأشجار ذات الحكايات الطويلة مع أهل الدولة والتي خولتها لأن تكون رمزاً للتعايش في الإمارات لعام 2019. فما الذي يميز أشجار الغاف دوناً عن غيرها في الإمارات؟ وما قصة غافات زايد؟ وكيف يمكن لشجرة أن تكون منبراً ثقافياً؟

تنبت أشجار الغاف في البيئة الصحراوية متحديّة الظروف البيئية القاسية من حرارةٍ عالية وشحٍ في المياه، بفضل جذورها التي تضرب في أعماق الأرض لمسافة تصل إلى 50 متراً ممكنة إياها من الوصول لمصادر المياه الجوفية، فضلاً عن جذورها السطحية المنتشرة على السطح والتي تساعدها على الاستفادة من مياه الأمطار على المدى القصير، كما أنها قادرة على تحمل التقلبات الجوية، ويمكن أن تنمو في التربة الملحية والرملية، ما جعل من أراضي الإمارات الصحراوية حيث السهول والكثبان الرملية بيئة مناسبة لنمو هذه الأشجار وتكاثرها، وكانت معطاءة في أماكن تواجدها فعززت الاستقرار في الصحراء وخلقت علاقة وثيقة مع أهل الدولة حتى أصبحت جزءاً من التراث، وأخذت هذه العلاقة شأناً عظيماً وصولاً لأن تقدم الإمارات أشجار الغاف كرمز للتسامح للعالم فكانت أولى الدول السبّاقة في ذلك.

حكايات مع الأجداد

بدأت الحكاية منذ أن وجد أهالي الإمارات قي أشجار الغاف ملاذاً لهم من لهيب وحرارة أشعة الشمس، فلجأوا لظلالها الوارفة لتخفف عنهم حدة الحرارة، وهو ما قام به الشيخ زايد الأول خلال زيارته دبي حيث اتخذ من أشجار الغاف هناك محطة استراحة له فسميت بـ”غافات زايد”.

وتحت أغصان أشجار الغاف المعمرة والمحملة بالأوراق الخضراء عقد أهالي البادية مجالسهم ، والتي يتوسطها شيخ القبيلة كل مساء، وحوله أبناء القبيلة مجتمعين حول موقد النار وفي أيديهم فناجين القهوة ، يقومون بسرد القصص والحكايا، في حين يطرح كبار القبيلة من أصحاب المعرفة قضايا دينية وتاريخية، ومع الوقت تحولت هذه الأشجار لتكون منابراً ثقافية يجتمع في ظلها أهل الثقافة والمعرفة فتقام المسابقات الشعرية، وتطرح قضايا متنوعة وتروى القصص والحكايا.

عطاءٌ لا ينقطع

عُرفت أشجار الغاف بأنها غنية ومعطاءة، فقد كان الأهالي يطحنون ثمار الغاف ويحولون الطحين المستخرج لصناعة خبز حلو المذاق غني بالمواد البروتينية والسكرية، واستخدمت بذورها كعلف للحيوانات، وأما صمغ أشجار الغاف استخدم لطلاء الأواني الفخارية ولصنع الغراء، ودخل في تركيبة صبغات الشعر، كما استخدمت أخشاب هذه الأشجار لتشييد منازل العريش، ومنازل الشعر، كحطبٍ تضرمُ منه النار للتدفئة ولطهي الطعام. وكان أهل البادية يحملون معهم من أخشاب الغاب إلى المدن لمقايضتها بسلع أخرى بعملية سميت بـ”الرفاع” أو “الحملة” نسبة لما حملته الإبل على ظهرها من أخشاب، وتعد هذه الأخشاب مفيدة لاستخراج الفحم منها عقب حرقها.

أما عن الناحية البيئية فإن للغاف فوائد لا يمكن تجاهلها فهي تشكل حلاً أمثل لمشكلة التصحر، كونها أحد النباتات القادرة لتحمل قسوة مناخ الصحراء، وعليه تساعد في تثبيت الكثبان، وتحسين التربة، وتستخدم لصناع مصدات الرياح مع أحزمة الوقاية الخضراء، إلى جانب دورها في تقليل الانبعاثات الكربونية عبر امتصاصها، وبالتالي فهي تعمل على التقليل من آثار التغير المناخي، وفي تجاويف جذوعها وأغصانها تعشش الكثير من الطيور، مثل البومة الصحراوية والدوري والصقر طويل القائمتين، وعليه تم زرع مايقارب 600 شجرة غاف عام 2019 في منطقة الفاية لتوفير مأوى وموائل لعدة آلاف من الأنواع منها ماهو مهدد بالانقراض.

الأهمية الكبيرة للأشجار الغاب على الصعيد البيئي أو المادي والاقتصادي بالإضافة إلى دورها المكمل في السلسلة الغذائية في النظام الإيكولوجي، أولاها قيمة كبيرة في الدولة مادفع الشيخ زايد بن سلطان آن نهيان ليصدر توجيهاته بمنع قطع أشجار الغاف، وأمر أيضاً باستزراع غابات جديدة منها، وقد بلغ عدد أشجار الغاف في أبوظبي 6 ملايين شجرة تقريباً ممثلة نسبة 31% من أشجار الغابات التي استصحلتها الحكومة.

أضف تعليق