أينما بحثت عن تاريخ دولة الإمارات تقرأ في كل سطر من سطوره اسم الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، مؤسس الدولة الذي سعى إلى توحيد الإمارات السبعة تحت مظلة دولة واحدة، ونجح في تحقيق ذلك في ديسمبر (كانون الأول) عام 1971.
في 26 فبراير (شباط) من عام 2018، تم تدشين صرح زايد المؤسس بالقرب من كورنيش أبوظبي، في منطقة قيل أن الشيخ زايد كان يستمتع بالجلوس فيها. يقع الصرح عند تقاطع الشارعين الأول والثاني على امتداد شارع الكونيش في أبوظبي”.
ويضم الصرح حديقة نباتات تراثية وممشى ومساحات خضراء واسعة تمتد على مساحة 3.3 هكتار، وهو الأمر الذي يرتبط بحب الشيخ زايد للطبيعة واهتمامه بها، فيعرض في الحديقة نباتات تنمو في البيئة المحلية مثل الحناء والقطن الصحراوي وشجر الأراك والأعشاب القلوية، متيحةً الفرصة للزوار بالتعرف على هذه النباتات وأهميتها العلاجية للسكان سابقاً. أما في الروضة فتتوزع أشجار الغاف والسدر النخيل والسمر وهي أشجار خصها الشيخ زايد بعناية خاصة لما كان لها من دور في توفير احتياجات أهل الإمارات. ولتتمتع بالمظهر الطبيعي المتجانس الذي تخلقه المساحات الخضراء، بني الممشى فوق الحديقة.
ويتوسط الصرح عمل فني ثلاثي الأبعاد يعرف بـ”الثريا” يضم أشكال هندسية تتلألأ لتظهر ملامح الشيخ زايد وتضيئ من حوله بقية الأشكال كـ”النجوم في السماء التي تشع نوراً من آلاف السنين لترشدنا إلى الطريق الصحيح” كما وصفها موقع “هوتل أندريست دوت كوم” الذي صنف صرح زايد المؤسس “الثريا” ضمن أحد أجمل 10 مبانٍ هندسية في العالم عام 2018.
كما يضم الصرح مركز الزوار، وهو المكان الذي تقع على عاتقه مسؤولية نقل حكاية المؤسس، وذلك بالاعتماد على الوسائط المتعددة من صور أرشيفية، وقصص شخصية تروى بأفواه أشخاص جمعتهم معرفة بالشيخ زايد، إلى جانب تسجيلات بصوت المؤسس. وكذلك تقام جولات باللغتين العربية والإنجليزية مع مختصي جولات ثقافية إماراتيين، يتولو مسؤولية تعريف الزوار على معالم الصرح.
مسيرة الشيخ زايد بن سلطان
في قصر الحصن في أبوظبي ولد الشيخ زايد وتحديداً في عام 1918، ليكون رابع أبناء الشيخ سلطان بن زايد من الشيخة سلامة بنت بطي. وحمل اسم جده زايد الكبير.
تولى حكم مدينة العين على مدار ما يقارب الـ 20 عاماً، لم تخلو من الإنجازات فخلال حكمه أصدر قرار بإعادة النظر في ملكية المياه وجعلها متوفرة للجميع بالإضافة إلى تسخيرها لزيادة المساحات الزراعية، كما أنشأ أول سوق تجاري ومشفى طبي، وعكست هذه الفترة تطلعاته لإنشاء دولة واحدة تُسخّر فيها كافة الثروات الطبيعية لخدمة أبنائها.
وفي عام 1962 بدأ بمساعدة أخيه الشيخ شخبوط بحكم إمارة أبوظبي، ومرت أبوظبي حينها بفترة تغيير جوهرية مع التحول للاعتماد على النفط كمصدر دخل للبلاد، ليتولى الشيخ زايد مقاليد حكم إمارة أبوظبي رسمياً في 6 أغسطس (آب) 1966، ويحمل على عاتقه مسؤولية توحيد الإمارات لخلق كيان فاعل في المحافل الدولية، حيث يتوفر لمواطنيه ظروف المعيشة المثلى، وتحققت رؤيته في 2 ديسمبر (كانون الأول) 1971 مع إعلان قيام دولة الإمارات بست إمارات في البداية لتنضم لهم رأس الخيمة في فبراير (شباط) 1972.
عُرف عن الشيخ زايد تواضعه فكان دائم التواجد مع أهل الإمارات، عمل معهم على تحقيق الرؤية الأمثل للدولة، فكان يشاركهم في حفر الآبار وإنشاء المباني، كما كان حريصاً على تنمية الزراعة وعلى تسخير موارد البلاد لخدمة ساكنيها، ويتجسد ذلك جلياً بقوله :
“الثروة الحقيقية هي ثروة الرجال لا المال والنفط ولا فائدة في المال إذا لم يُسَخّر لخدمة الشعب“.
توفي الشيخ زايد في 2 نوفمبر (تشرين الثاني) 2004.