تعود قصة جامع الشيخ زايد الكبير إلى نهاية الثمانينات، حين أمر الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ببناء مسجدٍ كبير في العاصمة أبوظبي قائماً على فكرة التنوع في إطار الوحدة، في رسالة لأهمية مبادئ التسامح والسلام لتعايش الشعوب، وبعد جهود استمرت لسنوات طويلة أصبح هذا المسجد أحد أبرز المعالم الثقافية في أبوظبي، يقصده مايزيد عن 55 ألف زائر ومصلي يومياً، وتم تصنيفه ضمن أكبر مساجد العالم بمساحة إجمالية تبلغ 22.412 متراً مربعاً.
فإذا لم تسنح لك الفرصة بزيارة جامع الشيخ زايد الكبير سنأخذك في جولة حول تاريخه وعمليات بناءه وتفاصيل عمارته التي استحوذت على الأنظار من حول العالم والمستوحاة من دول إسلامية عدة كالمغرب وتركيا وباكستان ومصر.
أولى خطوات التأسيس
كانت أولى مراحل التخطيط للجامع في نهاية الثمانينات، ودخلت عمليات البناء قيد التنفيذ في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1996، لتكون الأكبر من نوعها، حيث شارك فيها عدة مهندسون من الإمارات وبريطانيا وإيطاليا، تعاونوا على وضع تصميم قادر على تحقيق الانسجام بين العمارة الإسلامية بمراحلها والعمارة المعاصرة، واشترك في عمليات البناء 38 شركة مقاولات و3 آلاف عامل، عملوا على مدار 11 عاماً، ليفتح المسجد أبوابه لأول مرة أمام المصلين من أنحاء العالم في 20 نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2007.
مزيج مميز للعمارة الإسلامية والمعاصرة
خُلق التصميم من مزيج بين العمارة الإسلامية والعمارة المعاصرة، تأكيداً على الغاية الأساسية من تأسيس الجامع القائمة على التنوع في إطار الوحدة، وقد وظّفت مواد طبيعية في عمليات البناء، مثل الأحجار الكريمة، والكريستال الذي استخدم في الثريات الموجدة في داخل المسجد، والرخام الأبيض النقي والذي صنعت منه القباب البالغ عددها 82 قبة موزعة في المداخل الخارجية وقاعات الدخول، أكبر هذه القباب تتمركز في القاعة الرئيسية الجزء الداخلي منها مستوحى من الطراز المغربي التقليدي والذي يستخدم به جبس مقوى بالزجاج، وأما الجزء العلوي يتخذ شكل هلال مطلي بالذهب، وفي الجهة السفلية توجد نوافذ ليدخل منها الضوء إلى قاعة الصلاة.
وعند الحديث عن تصميم الحدائق الإسلامية في المساجد لابد أن نقف عند القباب الخضراء التي تشكل عنصراً أساسياً فيها، وهي موجودة في مسجد الشيخ زايد الكبير ويبلغ عددها 14 قبة مصنوعة من الزجاج.
بالوصول إلى المآذن فإن المسجد يضم أربعة مآذن بطولٍ يبلغ 106 أمتار لكل واحدة وهي مغطاة بفسيفساء الزجاج المطلي بالذهب، وكلُ مئذنة مؤلفة من ثلاثة أجزاء هندسية بتصميم يمزج بين أساليب معمارية لعصور متنوعة، فالجزء الأعلى للمئذنة له شكل أسطواني عُرف في العصر العثماني، وعلى قمتها نجد مصباح يعود إلى العصر الفاطمي، وأما الجزء الأوسط فهو يعود إلى العصر المملوكي وله شكل ثماني الأضلاع، والجزء الأخير وهو قاعدة المئذنة يعكس تصميمها ذي الشكل المربع أسلوب العمارة المملوكي والمغربي والأندلسي .
وفي الخارج أيضاً نجد أحواض مائية تحيط بالجامعة، وهي مستطيلة الشكل ممتدة على طول الأروقة تبلغ مساحتها 7878 متراً مربعاً، تنعكس على سطحها صورة أعمد ة المسجد المزينة بأحجار من الجمشت واليشب والتي يبلغ عددها 1096.
داخل المسجد
بالدخول إلى القاعة الرئيسية تلفت الأنظار ثريا كريستالية تأخذ شكل شجرة النخيل رمز الكرم في الإمارات، وتعد هذه الثريا إحدى أكبر الثريات الموجودة في العالم، فضلاً عن وجود 6 أخرى أصغر حجماً اثنان منها في القاعة ذاتها وأما الأخريات تم توزيعهن عند مداخل الجامع الأربعة.
وعلى أرض القاعة الرئيسية تمتد أكبر سجادة أعجمية في العالم تم تسجيلها في “مجموعة غينيس” عام 2007 ، حيث عمل على إنجازها 1200 شخص من أمهر حرفيي السجاد تعاونوا طيلة عامين على تصميم ونقل وحياكة قطعها في المسجد، وقد صنعت على الطراز الإسلامي “الميدالي”، تزيينها هو تزيين نباتي يتخلله أشكال ميداليات متنوعة.
إضاءة تتماشى مع حركة القمر
أساليب إضاءة المسجد أيضاً لم يتم إغفالها في نواحي التخطيط لخلق صرح إسلامي مميز، إذ تم تصميم نظام إضاءة قمري يعكس منازل القمر المختلفة، ففي بداية الشهر عندما يكون القمر هلال تكون الإضاءة خافتة، لتتغير تباعاً بحسب الحركة القمرية، فتصبح أكثر سطوعاً عندما يصبح القمر بدراً، كما يضم المسجد 22 برجاً للإضاءة تضم أجهزة عرض ضوئية.
موقع الجامع
اختير موقع المسجد في منطقة ترتفع 11متراً عن مستوى سطح البحر، وعلى ارتفاع 9.5 متراً عن مستوى الشارع بحيث يتم رؤيته بوضوح من كافة الاتجاهات ، وهو يقع في منطقة الروضة في أبوظبي ويحمل الشارع الرئيسي اسمه.