شارع الدانة هو أحد شوارع مدينة أبوظبي، والذي يروي اسمه تاريخاً يعود لأواخر القرن التاسع عشر وطوال العقد الثاني من القرن العشرين.
سبب تسمية شارع الدانة في أبوظبي
الدانة هي نوع من أنواع اللآلئ التي ارتبطت تجارتها بتاريخ الإمارات ارتباطاً وثيقاً، حيث كانت تجارة اللؤلؤ المصدر الرئيسي للدخل قبل الاعتماد على النفط، وشكلت عصب الحياة الاقتصادية في الإمارات والخليج عموماً، فكان إنتاج الخليج من اللؤلؤ يعادل نصف محصول العالم.
وبينت تقارير إلى أن القيمة السنوية في المتوسط للؤلؤ المصدر من الخليج العربي في بداية القرن الماضي قُدرت بنحو مليون ونصف جنيه إسترليني فيما بلغ مجموع دخل الساحل الخليجي من صادرات اللؤلؤ في سنة 1925 عشرة ملايين روبية هندية في الوقت الذي كان يبلغ عدد سفن الغوص لاستخراج اللؤلؤ التابعة لساحل عمان في بداية القرن العشرين 1200 سفينة تقل كل سفينة فريقاً يضم في المتوسط 18 رجلاً.
تاريخ صيد اللؤلؤ في أبوظبي
وعليه لم تكن تجارة اللؤلؤ مجرد تجارة عابرة بل رافق استخلاصه أجواء وطقوس شعبية كتبت تاريخها الفريد، فكانت القصة تبدأ بحلول مواسم الغوص وهي أربعة: “الخانجية” ويعرف أيضاً بـ”غوص البحر” نظراً إلى أنه يبدأ في نهاية فصل الشتاء، في شهر أبريل (نيسان) تحديداً وتكون المياه لازالت باردة ويمتد لفترة مابين الأسبوعين والأربعين يوماً ويكون قاصراً على المغاصات القريبة والمياه الضحلة، يليه “الغوص الكبير” أو الرئيسي والذي ينطلق في شهر مايو (أيار) وحتى سبتمبر (أيلول) إضافة لعشرة أيام من شهر أكتوبر (تشرين الأول) وفيه تتوجه جميع السفن الكبيرة والصغيرة إلى المغاصات البعيدة لاعتباره أنسب الأوقات للغوص، و”غوص الردة” أي العودة إلى البحر ويكون في شهر أكتوبر (تشرين الأول) ولمدة شهر، وآخرها “غوص الريدة” وهي تصغير الردة أي العودة مرة أخرى ولأيام معدودة.
عند حلول موعد الغوص يجتمع طاقم السفينة على الشاطئ، ويقف البحارة بجانب سفنهم، بينما تقف عائلاتهم وأقاربهم على الشاطئ لتوديعهم. ويتولى النوخذة – وهو صاحب السفينة أو قائدها- قيادة الرحلة بأكملها والإعلان رسمياً عن بداية الموسم وتحديد مواقع الغوص “الهيرات” التي ستتجه إليها كل سفينة، وكان يشارك في الرحلة خلال فترة الازدهار عام 1906 مايقارب 7400 رجل من رجال الغوص و4500 قارب وفقاً للمؤرخ البريطاني جون لوريمر.
وفي اليوم الأخير من الموسم، يتم إطلاق النيران على الشاطئ واتخاذ الاستعدادات اللازمة لاستقبال البحارة احتفالاً بعودتهم، فتُزين المنازل بأعلام من القماش تسمى البيرق أو “البنديرة”، ويتم إعداد الأكلات المميزة، بما في ذلك الحلويات والعصائر والمكسرات. وبمجرد وصول السفن إلى الشواطئ، يتم استقبال طاقم الغوص بأناشيد الترحيب، ثم يقوم البحارة بإلقاء أهازيجهم الخاصة.
ومع أواخر السبعينات من القرن العشرين انحسرت تجارة اللؤلؤ ورافق ذلك بداية ظهور النفط بالمنطقة، والاعتماد عليه كمصدر دخل اقتصادي رئيسي، وتدريجياً أفُلت تجارة للؤلؤ الطبيعي نظراً لظهور اللؤلؤ المستزرع وما وفره من شروط مريحة جنبت صائدي اللؤلؤ الرحلات الطويلة المحفوفة بالمخاطر.
وبالرغم من اندثار صيد اللؤلؤ إلا أنه تحول إلى تراث يتم أحياءه عبر المهرجانات والمعارض والفعاليات السنوية وله دور في تعزيز السياحة البيئة في الدولة، ووجوده مازال حاضراً في أسماء العديد من مناطق الإمارات متل “شارع الدانة”، و”منطقة الدانة”، و”جزيرة الدلما” المعروفة بجزيرة اللؤلؤة لما لعبته من دور كمركز بحري رئيسي لصيد اللؤلؤ.
هذا وأدرجت “مدينة تجارة اللؤلؤ” في جزيرة الحمراء على القائمة التمهيدية لمواقع التراث العالمي التابعة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “اليونسكو” في سبتمبر (أيلول) عام 2020، وتعتبر جزيرة الحمراء آخر مواقع خروج السفن للغوص على اللؤلؤ وأنشطة الملاحة البحرية في الخليج، كان سكانها يعيشون على صيد وتجارة اللؤلؤ، ومع كساد صيد اللؤلؤ هجر أهل الجزيرة منازلهم متجهين إلى أنماط الحياة الحديثة وباتت الحمراء بعد ترميمها معلماً سياحياً بارزاً وواحدة من أفضل المناطق لدراسة الهندسة المعمارية للمباني التراثية المبنية من الحجارة المرجانية.
موقع شارع الدانة
ويقع شارع الدانة في مدينة أبوظبي ويتقاطع من الشمال مع شارع بو الخواليف ثم شارع البطين، ومن الشرق مع شارع مليح، ومن الغرب مع شارع زايد الأول، ويتقاطع من الجنوب مع شارع الميدعه وشارع سهيل اللذان يوصلا بدورهما لشارع محن.
ويبعد الشارع عن المدينة 7.0 كيلو متر عبر شارع دلما وشارع الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود أي ما يعادل 10 دقائق، ومايعادل 5.8 كيلو متر عبر شارع الخليج العربي أي ما يعادل 9 دقائق.