أبوطافش.. 55 سنة تحكي فصولاً من تاريخ أبوظبي

هناك أسماء تبرز مباشرة عند الحديث عن مطاعم أبوظبي، وحالما تذكر السمك، يخبرك أي شخص من سكان أبوظبي، حتى ممن لم يزر المطعم أبداً: أبو طافش أفضل مطعم للسمك، والمطعم المفضل لدى الشيخ زايد رحمه الله. فما هي قصة أبوطافش؟ ومن أين أتت تسمية المطعم؟ وكيف استطاع تحقيق هذا النجاح؟

بدأت القصة في عام 1965 مع انطلاق سفينة ركاب من ميناء البصرة العراقي متوجهة إلى أحد الموانئ في أبوظبي. على متنها كان الشاب الفلسطيني الأردني رضوان اشتي التميمي.

رضوان انطلق من فلسطين، ومر في الأردن ثم سوريا ولبنان، ثم العراق. وهناك اتفق مع مجموعة من الشباب العرب على التوجه الى أبوظبي. بعد رحلة استمرت أربعة أيام وصل المركب إلى دبي، لكن مسؤولي المركب قالوا لهم أنهم وصلوا إلى أبوظبي.

هذه الصندقة حق من؟

تنقل رضوان في وظائف مختلفة في عدد من المطاعم، معيلاً لعائلته وباحثاً عن رزقه، حتى أوصله القدر إلى فتح كشك صغير في منطقة على ضفاف كورنيش أبوظبي يبيع فيه القهوة والشاي والبيبسي والمياه.

بعد بضعة أشهر من عمله، وانتظاره أن تأتي البلدية وتلغي الكشك الذي يعمل فيه بدون ترخيص، مر المؤسس الشيخ زايد بن سلطان مع موكب من مرافقيه تضمن أحمد خليفة السويدي وعلي الشرفا وعبد الله النويس وعمير بن يوسف وعبد الجليل الفهيم وحمودة بن علي وغيرهم من الشخصيات الكبيرة في ذاك الوقت. توقف موكب الشيخ زايد عند كشك رضوان، وسأل: “هذه الصندقة حق من؟” فقال بعض المتواجدين: “هذه حق الفلسطيني الأردني”، وأشاروا إليه، فقال نادوه.

خاف رضوان، وتحضر للأسوأ، وتوجه نحو الشيخ زايد. سأله: “من أين أتيت؟”. أجابه مرتعشاً: “من فلسطين يا طويل العمر. (طفشت) من فلسطين والأردن والعراق ومن دبي إلى أبوظبي”.

فقال الشيخ زايد: أنت طافش “أبو طافش”!

سأمر عليك بعد ثلاثة أيام

تابع الشيخ زايد، ليسأل: “مالك خايف؟ هذه بلاد العرب والمسلمين (…) كبّر ووسع الكشك”. وطلب من أحد مرافقيه أن يعطي رضوان كيساً صغيراً فيه حوالي 200 ألف روبية هندية وهو مبلغ محترم آنذاك. وأمر كذلك بتأمين رخصة كهرباء ومياه. ثم قال العبارة التي تعكس منهج الشيخ زايد في بناء الإمارات: “بعد ثلاثة أيام سأمر عليك لأعرف ماذا حدث”.

وبعد مرور ثلاثة أيام عاد الشيخ زايد، ليجد أن أبو طافش لم يقم بأية تطويرات بعد. وعلم منه أن “البيزات” لم تكف لافتتاح مطعم، فأمر بإعطائه مبلغاً مشابهاً للمبلغ السابق. عندها أصبح لدى أبو طافش ما يكفي، وافتتح المطعم في نفس مكان صورة الشيخ زايد مقابل فندق هيلتون أبوظبي الحالي وبجوار فندق قصر الامارات. وكان اسمه “مطعم وكازينو السندباد البحري”. كان المطعم قريباً من البحر، ومتأثراً بالمد والجزر الذي كان يغمر المطعم بالمياه، ويتم إفراغها منه يومياً.

تخطيط أبوظبي وانتقال المطعم

بعد خمس سنوات، وبعد بناء فندق الهيلتون وإنشاء شوارع ابوظبي وبناء فندق الخالدية بلاس، بدأت عملية تخطيط أبوظبي وتم نقل المطعم إلى منطقة بين فندق الخالدية بلاس وميناء الشيخ حمدان بن محمد والذي كان يقع في مكان فندق أبراج الاتحاد حالياً.

دعم الشيخ زايد أبوطافش بالنقود لينقل مطعهم ويفتتح مطعماً سياحياً عائماً، وانتقل بالمطعم إلى مرسى البطين ولم تكن منطقة معروفة في ذاك الوقت والتي مكث فيها عدة سنوات وانتقل بالمطعم لعدة مناطق بمرسى البطين حتى عام 2005. وبقي الشيخ زايد حتى وفاته رحمه الله يأتي مع ضيوفه لتناول الطعام في المطعم الذي أصبح أشهر مطعم للسمك في أبوظبي وربما في الإمارات.

الانتقال الأخير في رحلة نمو العاصمة

في عام 2005، طلبت الحكومة من أبوطافش الانتقال لعمل ميناء الشيخ سعيد بن حمدان آل نهيا، لينتقل أبوطافش مع أبنائه مطعماً في شارع حمدان بأبوظبي وآخر في الجميرا بدبي وفي البوادي مول في العين وفي مدينة خليفة أ وافتتاح الفرع الخامس في إحدى العمارات السكنية في منطقة مرسى البطين، حيث اختار تسمية أربعة منها بأسماء أولاده، ومطعم واحد باسمه في مرسى البطين.

أضف تعليق