ضمن مجمع قصر الرئاسة في أبوظبي، يتربع قصر الوطن بمساحته البالغة 380 ألف متر مربع، مُشرِّعاً أبوابه للزوار من مختلف أنحاء العالم، ليأخذهم في جولة بتاريخ الإمارات بأسلوب ساحر يحجز مكانه في الأذهان. فما يميز القصر عن غيره من المعالم تصميمه المعماري الفريد الذي يسحر الزوار بتفاصيله وأفكاره.
فتح القصر أبوابه أمام الزوار في 11 مارس (آذار) 2019، بعد أن اقتصرت مهامه سابقاً على استقبال القادة وإقامة الاجتماعات. مع حفاظه على دوره بكونه مقراً لعقد اجتماعات رفيعة المستوى كاجتماع مجلس الوزراء.
تصميم يجسد العمارة العربية ببصمة عصرية
استنبط تصميم القصر من العمارة العربية القديمة وتم تنفيذه بما يتناسب مع العصر الحالي، وحُرص على أن ترتبط تفاصيله بطبيعة الإمارات. فنجد ثلاث ألوان رئيسية مسيطرة على القصر: اللون الأبيض في إشارة إلى السلام والنقاء، واللون الأصفر وهو لون رمال الصحراء مايرتبط بطبيعة الإمارات الصحراوية، واللون الأزرق وهو لون مياه البحر.
لم تكن مهمة بناء القصر سهلة، فقد استغرق 150 مليون ساعة عمل (ما يعادل بالمجموع أكثر من 6 ملايين يوم عمل)، عُني خلالها بأدق التفاصيل، فنجد أبواب القصر مصنوعة من خشب القبقب الصلب ومطلية بالذهب الفرنسي عيار 24 قيراط. أما الرسوم على هذه الأبواب فهي مرسومة يدوياً ليستغرق كل باب 350 ساعة عمل، كما استخدم في تزيين الجدران والأبواب 5,000 شكل هندسي وطبيعي ونباتي.
أجنحة القصر
يقسم القصر إلى 8 أجنحة، يعمل كل جناح منها على إبراز جانب من الثقافة السائدة في الإمارات، والتاريخ الإماراتي، والعلاقات الدبلوماسية للإمارات، وأماكن الاجتماعات العربية والدولية، نلخص منها:
- القاعة الكبرى
عند تجاوزك عتبة أبواب القصر تجد نفسك وسط القاعة الأكبر فيه، والتي يبلغ طولها وعرضها 100 متر، تتوسطها قبة رئيسية بارتفاع 37 متر، لتحجز لنفسها مكاناً بين القباب الأكبر في العالم. وبالنظر إلى جدران القاعة فهي مزخرفة بالزخارف الهندسية العربية كالنجمة الثمانية والمقرصنات، وهي مقسمة لثلاثة مستويات تبدأ بعلو 6.1 متر ثم 15.5 متر ثم 21 متر.
من “القاعة الكبرى” ننتقل إلى “البرزة” وهو مكان اجتماع الحاكم مع شعبه، وهي ثاني أكبر قاعات القصر، وفيها يعرض للزوار فيديو بمدة خمس دقائق للتعرف على تاريخ المجلس في الدولة.
- ذكرى من القصر
عند مدخل القصر تقع قاعة المؤتمرات، وتضم صوراً للشيخ زايد هو يتحدث إلى أحد الصحافيين من محطة التلفاز الفرنسي في نوفمبر (تشرين الأول) 1971، وفيها يمكن للزوار التقاط صور توثق زيارتهم للقصر.
- مكتبة القصر وبيت المعرفة
خارج القاعة الكبرى في الجناح الشرقي من القصر تقف منحوته “طاقة الكلام“، المنحوتة الأكبر في الشرق الأوسط يبلغ وزنها 12 طن، من تصميم الفنان الإماراتي مطر بن لاحج، وهي تجسيد فني لأحد أقوال الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان: “الثروة الحقيقية هي ثروة الرجال لا المال والنفط ولا فائدة في المال إذا لم يُسَخّر لخدمة الشعب“.
كذلك تقع المكتبة أحد أهم الوجهات للباحثين في التاريخ الإماراتي، فهي تحتوي على أكثر من 50 ألف كتاب منها 1900 كتاب نادر، تتنوع مواضيعا بين علم الفلك والأدب والتاريه والثقافة المرتبطة بالإمارات.
كما نجد في الجناح ذاته “بيت المعرفة” الذي يشكل منصة تعريفية لتأثير العلماء العرب على الحضارة والتقدم الإنساني، ويسلط “بيت المعرفة” في بادرة فريدة الضوء على إسهامات الحضارة العربية في مختلف المجالات، ففيها نجد مخطوطة أطلس في علم الفلك، وأول خريطة للجزيرة العربية تعود لعام 1561، ومخطوطة برمنجهام للقرآن الكريم.
- المائدة الرئاسية
هذا الجناح يستعرض مكان استضافة كبارالشخصيات، ويُعرِّف الزوار على العادات والمراسم في الدولة والأطباق الإماراتية. وفيه تعرض مجموعة من الكريستاليات والأواني الخزفية.
- الهدايا الرئاسية
يستعرض الجناح علاقات الإمارات الخارجية ، إذ يعرض الهدايا الدبلوماسية التي تلقتها الدولة، وماهي الاعتبارات الثقافية التي يتم اتخاذها أثناء انتقاء هذ الهدايا.
- روح التعاون
يتيح هذا الجناح للزوار التعرف على مكان تجمع الهيئات الكبرى على مستوى الإمارات والوطن العربي ككل، كجامعة الدول العربية ومجلس التعاون الخليجي.
ذا بلس إن موشن
لا يختم الزوار زيارتهم للمتحف بشكل تقليدي، بل يودع المتحف زواره بأسلوب مميز فمع مغيب الشمس من كل يوم في الساعة السابعة والنصف ينطلق عرض ضوئي وصوتي باسم “ذا بلس إن موشن”، والذي يستعرض بدقائقه الـ 15 مسيرة تقدم الدولة، على جدارن القصر الخارجية. تاركاً صورة لا تنسى في ذاكرة كل من زاره.